كلام العثيمين رحمة الله في تعلم النحو


الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


قال العلامـة ابنُ عثيميـن - رحمـه الله -:

" النَّحو، وما أدراك ما النَّحو، الذي لا يعرفُه مِنَ الطَّلَبةِ إلا القليل، حتَّى إنَّك لترى الرَّجلَ قد تخرَّج من الكليَّةِ، وهو لا يعرفُ عن النَّحو شيئاً !".


ثمَّ قال - رحمـه الله -:

" إنَّ النَّحوَ بابُه مِن حديدٍ، ودهاليزُه قصَبٌ، يعني أنَّه شديدٌ وصعبٌ عند أوَّل الدُّخولِ فيه، ولكنَّه إذا انفتح البابُ لطالبِه؛ سَهلَ عليه الباقي بكلِّ يُسرٍ، وصار سهلاً عليه، حتى إنَّ بعض طلبة العلم الذين بدؤوا في النَّحو؛ صاروا يعشقونه؛ فإذا خاطبتَهم بخطابٍ عاديٍّ؛ جَعل يعربُه؛ ليتمرَّنَ على الإعراب. ومن أحسن متون النَّحو " الأجروميَّة "؛ كتابٌ مختصرٌ، مركَّز غاية التَّركيز، ولهذا أنصح مَنْ يبدأ أن يبدأَ به...".



المرجـع: كتاب العلم: 118



[line]

قال - رحمه الله -:
(( والحقيقة أن علم النحو مهم جدا؛ لما فيه من الفوائد الكثيرة.

من فوائده: تقويمُ اللسانِ، وتقويم البنان. تقويم اللسانِ عند النطق، وتقويمُ البَنان عند الكتابة. والنطقُ وإنْ كان الناسُ يتخاطبون فيما بينهم باللغةِ العاميّة فيُعذَرون؛ لأنك لو أردت أن تخاطب العاميَّ باللغة العربية الفصحى؛ لقال هذا رجلٌ أعجميّ! لأنه لا يفهمُ اللغةَ العربيةَ الفصحى إلا مَن ندر. لكن الكتابة - التي يكون بالنحو تقويمُها - هي المُهمّة بالنسبةِ لطلبة العلم؛ لأن بعضَ الطلبة يكتب ما يكتب مِن الجوابِ على الأسئلة أو غير ذلك أو البحوث فتجد عنده مِن اللحنِ ما تكادُ تقولُ إنه في أولِ الدراسة!! مع أنه قدْ يأخذُ الشهادةَ العاليةَ بعدَ شهرٍ أو شهرَيْن. وهذه مِحْنَة لِما نحن نعيشُه اليوم. تأسَف أنَّ بعضَ الطلبةِ إذا تكلّمَ في الحديثِ أو تكلّم في الفِقْهِ أو في التّفسير؛ وجدتَ كلامَه جيدًا، لكنْ عندما يتكلمُ أو يكتبُ؛ تجدْ عنده مكَسَّرات - نعم -؛ ربما يقول: (باضتِ الدجاجةَ البيضةُ)! نعم؛ هو يقول هكذا!! فيجعلُ الدجاجةَ بيضةً للبيضةِ!! وتجد أشياء غريبة!

لهذا أرى أنه يتعينُ على الطلبةِ - الآن - يتعيّنُ عليهم أن يتعلموا النحو، وأن يُمَرِّنوا ألسنَتَهم، وأن يُمَرِّنوا أقلامَهم عليه؛ حتى لا تسُوءَ سُمعَتُهم بين الناس.

ومن فوائد علم النحو: أنه يُعين على فهمِ الكتاب والسنة؛ لأنه يُعرف به الفاعل مِنَ المفعول به، ويعين على المعنى.

كم مِن آية اختلفَ إعرابُها، واختلفَ المعنى بإعرابها: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى المَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} أو {وَأَرْجُلِكُمْ}؛ يختلف المعنى باختلاف الإعراب. {وَاتَّقُوا اللهَ الّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامِ} أو {وَالْأَرْحَامَ} يختلف المعنى.

فأنتَ إذا فهمتَ النحوَ أعانك على فهمِ المعنى؛ حتى تُنَزِّلَ الآيات والأحاديث على المرادِ بها.

ومِن فوائدِ علمِ النحو: إحياءُ اللغة العربية الفُصحَى. ولا شك أنّ إحياءَ اللغةِ العربيّةِ الفُصْحَى؛ وانتشارَها بين الناس؛ يُؤَدّي إلى أنْ يسهُلَ فهمُ الكتابِ والسنّةِ على كثير من الناس.

وبهذا نعلمُ أنّ مَن قامَ بنشرِ اللغةِ غيرِ العربيّة بينَ العامّة؛ فقد جنَى على نفسِه وعلى لُغَتِه، وعلى مَنْ مَكّنَه أو علّمه تلك اللغة.

نسمعُ أنَّ مِن سُفهائِنا مَن يُعلِّم صبيانَه بدل مِن أنْ يقولَ إذا دخلتَ على بيتٍ أو على جماعةٍ قل: السلامُ عليك، وإذا أردتَ أنْ تنصرفَ قلتَ: السلامُ عليك، يقول: إذا دخلتَ فقل: باي باي، أو إذا انصرفتَ فقلْ: باي باي!!

سبحان الله! عندكَ لغة عربية، دعاء بالسلام؛ تجعل بدلا منه هذا الشيء؟!!

فلِهذا أقولُ: إنّ تعلمَ اللغةِ العربيةِ يؤدّي إلى سهولةِ التخاطبِ بها، والتخاطبُ بها يقوِّي الإنسانَ على معرفةِ الكتاب والسنة )) اهـ.



المصدر: شرح "ألفية ابن مالك" للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -، الشريط الأول، الوجه الأول، الدقيقة: (2:21) وما بعدها.