الدرس الرابعة عشر من قواعد البلاغة
تعريف القصر
|
(القصر) هو الحصر والحبس لغة، قال تعالى: (حور مقصورات في الخيام)
واصطلاحاً هو: تخصيص شيء بشيء، والشيء الاول هو المقصور، والشيء الثاني هو المقصور عليه.
فلو قلت: (وما محمد الا رسول)قصرت محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) في الرسالة، بمعنى: انه ليس بشاعر، ولا كاهن، ولا إله لايموت... فمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مقصور، والرسالة مقصور عليها.
وللقصر طرق كثيرة: كالاتيان بلفظ (فقط) أو (وحده) أو (لاغير) أو (ليس غير) أو توسّط ضمير الفصل، أو تعريف المسند إليه، أو لفظ (القصر) أو (الاختصاص) أو ما يشتق منهما.. أو نحوها ممّا عدّها بعضهم الى أربعة عشر طريقاً.
لكن الاشهر المتداول في كلام العلماء أربعة:
1 ـ القصر بالنفي والاستثناء، قال تعالى: (وما محمّد إلا رسول قد خلت من قبله الرُسُل)
2 ـ القصر بـ (انّما)، قال تعالى: (إنَّما يخشى الله من عباده العلماء)
3 ـ القصر بحروف العطف: (لا) و(بل) (ولكن) كقوله:
عمر الفتى ذكره لا طول مدّته وموته خزيه لا يومه الدانـي
وقوله: (ما الفخر بالنسب بل بالتقوى).
4 ـ القصر بتقديم ما حقه التأخير، قال تعالى: (ايّاك نعبد وايّاك نستعين)
فائدة:
ثم ان المقصور عليه في الاول: هو المذكور بعد أداة الاستثناء، كالرسالة.
وفي الثاني: هو المذكور في آخر الجملة، كالعلماء.
وفي الثالث: هو المذكور ما قبل (لا) وهو: ذكره، وخزيه، والمقابل لما بعدها كقوله: (الفخر بالعلم لا بالمال) والمذكور ما بعد (بل) و(لكن) وهو: بالتقوى، وبالأدب.
وفي الرابع: هو المذكور مقدّماً، كـ (ايّاك).
فائددة:
للقصر قسمان:
1 ـ حقيقي: وهو أن يختص المقصور بالمقصور عليه بحسب الحقيقة والواقع، نحو (لا إله إلا الله)
2 ـ اضافي: وهو أن يختص المقصور بالمقصور عليه لا حقيقة بل بالقياس إلى شيء آخر معيّن، كقول الحطّاب لزميله: (لايوجد في الصحراء إلا حطباً رطباً) فإن النفي ليس لكل شيء حتى الانسان والحيوان، وانما للحطب اليابس.
فائدة:
وينقسم القصر الاضافي الى ثلاثة أقسام:
الاول: قصر الأفراد، وذلك فيما اعتقد المخاطب الشركة، قال تعالى: (إنّما الله إله واحد)رداً على من زعم التعدّد.
الثاني: قصر القلب، وذلك فيما اعتقد المخاطب عكس الواقع، كقوله: (وليس النبيّ سوى أحمد...) رداً لأتباع من أدعى النبوة بعد محمد صلى الله عهليه وسلم.
الثالث: قصر التعيين، وذلك فيما تردّد المخاطب كقوله: (انما الشجاع حسن) لمن تردّد.
الفائدة الأخيرة:
1 ـ قصر الموصوف على الصفة، كما تقدّم في قوله تعالى: (وما محمّد إلاّ رسول)حيث قصر محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) في الرسالة ليس ملكا ولا الها.
2 - قصر الصفة على الموصوف، كما تقدّم في قوله تعالى: (إياك نعبُد) حيث قصر العبادة في الله تعالى، فلا نعبد سواه.
والله المفق
|
0 التعليقات:
إرسال تعليق